Wednesday, February 11, 2015

رحلتي إلى اليابان، خريف 2014 (الجزء الأول)

السلام عليكم أصدقائي. مر زمن طويل مذ نشرت في هذه المدونة، لأسباب عدة من أهمها انشغالي بمسؤوليات الأمومة و عدم وجود ما يستحق النشر. إلا أنه و في خريف العام الماضي حدث ما كنت أنتظره منذ سنوات وهو ذهابي إلى اليابان. 

خلال رحلة دراستي للغة اليابانية كانت هناك العديد من الفرص التي تؤهلني للذهاب إلى هناك و لكن لأن جنسيتي سورية فلم يمكنني ذلك من الذهاب وطبعاً لأن إرادة الله شاءت بذلك لحكمةٍ أرادها سبحانه. 

العديد ذهب إلى اليابان و تحدث عنها و كانت هنالك برامج تلفزيونية عديدة عرضت لنا اليابان بميزاتها و بالتحديات التي تواجهها. في هذه المدونة لا اهدف إلى تكرار ما روي عن اليابان بقدر ما أهدف إلى التأكيد عليه و الحديث عن تجربتي، بل تجربتنا كعائلة. أجل فلقد ذهبت مع زوجي و ابني إلى هناك في برنامج للتبادل العلمي و الثقافي كسابقة لم تحصل من قبل، فكانت تلك المرة الأولى التي تذهب فيها عائلة عبر ذلك البرنامج.

البرنامج هو "أهلاً و سهلاً" ASP من جامعة كيؤو الحرم الواقع في شونان فوجيساوا في كاناغاوا. ينظم مخبر الدكتور أوكودا للدراسات العربية و الإسلامية هذا البرنامج كل عام حيث يتم استقبال خمسة طلاب عرب لمدة أسبوعين يقومون خلالها بكتابة تقرير حول موضوع يختارونه و يتم تصوير مقاطع من الفيديو بالاشتراك مع الطلاب اليابانيين الدارسين هناك وعدة أنشطة ثقافية أخرى. 

عندما تم قبولي بالبرنامج كنت قلقة حيال عائلتي فلم أكن أريد الذهاب لوحدي والابتعاد عن ابني وزوجي لمدة أسبوعين فطلبت من القائمين على البرنامج السماح لي باصطحاب عائلتي و وافقوا على ذلك برحابة صدر و الحمدلله.



 انطلقنا من عمان بعد فجر السبت الموافق الأول من تشرين الثاني 2014 لنصل اسطنبول الساعة التاسعة حيث كانت صديقتي في استقبالنا عند محطة مترو أكسراي واستقبلتنا عائلتها في منزلها ذلك اليوم حيث كان موعد الطائرة إلى طوكيو بعد منتصف ليلة ذلك اليوم. كان بيت صديقتي في منطقة الفاتح فقمنا بزيارة مسجد الفاتح باسطنبول و تجولنا قليلاً في سوق الفاتح. 



حان موعد الطائرة إلى اليابان وكان معنا بالطائرة الطلاب الآخرون من الأردن ومن سورية ومن المغرب. لم أكن أصدق بأن حلمي قبل عشر سنوات أصبح على بعد اثنتا عشرة ساعة بالطائرة. شعرت بثقل الوقت وكأن أياماً مضت ونحن معلقين في الجو. ها نحن فوق الصين ثم فوق كوريا وثم أخيراً أصبحنا فوق اليابان. كان احتمال أن يكون ذلك مجرد حلم قائماً إلى أن قال لي زوجي "الحمدلله على السلامة وصلنا اليابان!" وتحدث كابتن الطائرة باللغة اليابانية مخبراً عن وصولنا مطار ناريتا بسلام.

هدوووووووووء شديد يسود مطار ناريتا حيث كانت الساعة العاشرة مساءً بتوقيت طوكيو. هدوء شديد في الأصوات في الحديث في التنقل داخل المطار وحتى في الإضاءة. كانت الإضاءة في اليابان أول ما لفت نظرنا أنا و زوجي حيث كان مشهد طوكيو من الطائرة  وإضاءة المدينة والشوارع بيضاء و خافتة على عكس ما توقعنا. 

ولكن كما هو متوقع، كان تعامل موظف الجوازات في المطار راقياً جداً مع ابتسامة و احترام شديد على عكس ما نعهده مع موظفي الجوازات في بعض الدول العربية حيث ترتجف خوفاً وأنت تسلم جوازك له على أمل أن تسير الأمور بسلام وتتمكن من العبور. الأمر الجدير بالذكر أنه عند وصولنا لنقطة الجوازات كان هناك دور بالطبع و صف طويل من الناس المنتظرين إلا أن ما فاجئنا أن هناك موظف أرشدنا إلى التقدم لعند نقطة خاصة بالأشخاص الذين يصحبون أطفالاً صغار حيث تم استكمال إجراءاتنا بسرعة مراعاةً لوجود طفل معنا! أعتقد أن اغلبكم يعلم كم هو من الصعب أن تجعل الطفل ينتظر وكم مررت بمواقف كثيرة هنا في الأردن حيث كنت انتظر على الدور وكان طفلي يضجر بسرعة و يصرخ ويبكي ويزعج الآخرين وكم كنت أتمنى حينها أن اتقدم الصفوف وأنهي أموري بسرعة لأتفادى نظرات الناس ولكن "الدور دور!" كما تعلمون. كان ذلك الموقف بالمطار هو أول ما استرعى انتباهي إلى موضوع أسميته "Mother Barrier Free" سأناقشه لاحقاً. 

أنهينا إجراءات المطار بسلاسة و خرجنا لنجد باستقبالنا الأستاذ الدكتور أوكودا مع القائمين على البرنامج وكانوا يحملون لافتة "أهلاً وسهلاً" حيث رحبوا بنا وأبدوا سعادتهم بوصولنا سالمين و كم كنا سعداء نحن ايضاً بهم و بحسن استقبالهم. 

توجهنا مع الطلاب الآخرين إلى جامعة كيؤو الواقعة في فوجيساوا وكانت على بعد ساعتين تقريباً من مطار ناريتا. أوصلنا الدكتور أوكودا و السيد سعيد إلى دار الضيافة داخل حرم الجامعة حيث مكان إقامتنا وأرشدونا إلى مرافق البيت و طريقة استخدامها. كانت غرفتنا على النظام الياباني التقليدي "واشيتسو" حيث هنالك التاتامي على الأرضية و ثلاثة من "الفوتون" القطني المريح و الدافئ بانتظارنا بعد الرحلة الطويلة. كان يوجد في دار الضيافة مطبخ و حمامات و حوض الاستحمام الياباني"فويو". شعرت وكأني دخلت إلى مسلسل كرتون ياباني. كل شيء كما في الأنيمي. الشوارع، إشارات المرور، المحلات، البيوت، السيارات لم أشعر بشيء غريب وكأني عشت هنا من قبل. 


وهكذا قضينا ليلتنا الأولى في اليابان في شوقٍ لما ينتظرنا في الأيام التالية ...



No comments: