Monday, March 9, 2015

رحلتي إلى اليابان، خريف 2014 (الجزء الثالث)


كان اليوم الثالث من برنامج ASP حافلاً، حيث بدأناه بمحاضرةٍ للغة اليابانية قدمتها لنا المعلمة موراسي سينسي. وكم كانت محاضرةً ممتعة وتفاعلية. كما ذكرت مسبقاً فإنه من خلال برنامج أهلاً وسهلاً يتوجب على المشاركين كتابة تقارير باللغة اليابانية و لكتابة التقرير يتوجب أن نقوم بمقابلات و أن نلتقي بأشخاص من ذوي الاختصاص لجمع المعلومات اللازمة لكتابة التقرير. لذلك تعلمنا من خلال محاضرة اللغة اليابانية كيفية طلب موعد من شخص ما بطريقة مؤدبة و رسمية وكذلك ما يتوجب قوله عند اللقاء الأول و كيفية طرح الأسئلة بطريقة لطيفة لا تسبب الإزعاج للشخص المقابل. الذين درسوا اللغة اليابانية يعلمون كيف أن اليابانيين حذرون جداً في انتقاء ألفاظهم و حريصون على عدم التفوه بكلمةٍ قد تسبب إحراجاً أو إيذاءً للشخص المخاطب. مراعاة شعور الآخرين في الحديث و التعامل معهم بلطفٍ وكياسة من أهم الصفات التي تميز الشخصية اليابانية وهذا الأمر غير خافٍ على من سبق وتعامل مع اليابانيين. 

بعد محاضرة اللغة اليابانية كان هناك محاضرة نقاشية حول الموضوع الذي سيختاره كل طالب والذي سيتم كتابة التقرير حوله. كما ذكرت في التدوينة السابقة فقد كنت نويت أن أكتب عن التعاون والعمل الجماعي بين الطلاب في المدارس اليابانية ولكن من خلال نقاشاتي مع طالبات مجموعتي ومن خلال توجيهات الدكتور أوكودا فإنني قمت بتعديل الموضوع بحيث يكون شاملاً وموضوعياً وليس فقط مجرد نسخ للأسلوب الياباني ونقله للبلاد العربية، فمن خلال مناقشاتنا تبين أن التعاون في المدارس اليابانية هو نتاج للنظام المدرسي ووجوده في النظام المدرسي وفي العمل لايعني وجود التعاون على مستوى المجتمع؛ حيث أن صور التكافل الاجتماعي والتعاون الأسري بين الأرحام نادرةٌ جداً في المجتمع الياباني. لقد بين لنا الدكتور أوكودا ان الهدف من التقرير الذي سنكتب عنه لا يجب أن يكون نقل وتقليد فقط إنما يجب أن يتناول المشاكل و الميزات الموجودة في المجتمعين العربي و الياباني للوقوف عليها و تبادل الخبرات بين المجتمعين للنهوض بهما معاً. فبعد النقاش مع الطالبات اليابانيات تبين لي أن المجتمع الياباني أيضاً لا يخلو من وجود العديد من الثغرات و التحديات التي تهدده اقتصادياً و اجتماعياً وثقافياً. 

كان النقاش مثمراً جداً وممتعاً وتوضحت لي أمور كثيرة كنت أجهلها عن المجتمع الياباني و الأسرة اليابانية و أسلوب العيش وجعلني ذلك أفكرمرةً أخرى بأسلوب حياتي وأن أراجع طريقة تفكيري أيضاً. بعد النقاش تناولنا طعام الغداء و قد كان عبارة عن معكرونة مع السمك اللذيذ من مطعم subway الموجود في الجامعة. 

بعد طعام الغداء انطلقنا في رحلةٍ للمدرسة الثانوية الزراعية ولم تكن بعيدةً عن الجامعة. نعم إنها مدرسة ثانوية وزراعية في نفس الوقت! بل هي مدرسة ثانوية مع مزارع و مشاتل وبيوت بلاستيكية وحظائر للأبقار والأغنام و الخنازير و دواجن للدجاج والبط حيث يقوم الطلاب بالزراعة و الحصاد والاعتناء بالحيوانات إلى جانب الدراسة الثانوية المعتادة. وكم أعجبني هذا! وأرجو أن تأخذوا بعين الاعتبار أن الطلاب في هذه المدرسة لن يصبحوا بالضرورة مزارعين عندما يكبروا، بل يستطيعون دراسة التخصص الذي يريدون بالجامعة ولكن تصوروا الخبرة التي اكتسبوها من المدرسة و الأوقات المفيدة التي قضوها والعمل المثمر الذي قاموا بادائه بدل مشاهدة التلفاز طوال اليوم أو التسكع مع الأصدقاء بلا اهتمام بالوقت الضائع. لا أعلم عن وجود مدارس زراعية في البلاد العربية، ولكن وإن وجد فلا أتوقع أن تكون بهذه المساحة الكبيرة و التنظيم الذي كانت عليه هذه المدرسة. 



سعد ابني كثيراً برؤية الحيوانات وتجولنا في أرجاء المدرسة و تعرفنا على بعض الطلاب في المدرسة و تحاورنا معهم و قمنا بمشاهدة كيفية صنع حلوى "الموتشي" وهي مصنوعة من الأرز وشاركنا أنا وزوجي و ابني بصنعها أيضاً ومن ثم تناولنا جميعاً بعضاً منها. وقد كانت حلوى الموتشي تحتاج للكثير من المضغ وإلا قد تسبب الاختناق. بعد ذلك توجهنا للصالة الرياضية الموجودة في المدرسة حيث قام الطلاب يتحضير حفل لنا قاموا خلاله بقرع الطبول اليابانية بتناسق وانسجام وكان صوتها رهيبٌ جداً. ثم علمونا كيفية القرع على الطبول فقمنا بتجريب ذلك بانفسنا وأحبها ابني أيضاً حيث أنه يهوى إصدار الأصوات الصاخبة. بعد ذلك قدموا لنا بعض الهدايا وشكرناهم عليها وغادرنا المدرسة مساءً متوجهين لمطعم شينانويا الياباني لتناول طعام العشاء. 


كان مطعم شينانويا على النظام الياباني حيث يقدمون الشاي الأخضر والطعام الياباني ونجلس على أرضية التاتامي حول طاولات منخفضة كما في البيوت التقليدية. تناولت طبق "التندون" في ذلك اليوم و هو عبارة عن تمبورا (جمبري مقلي) فوق الأرز وأعجبني كثيراً. لم أكن أحب الجمبري كثيراً ولكن طعمه في اليابان مختلف، لقد كان لذيذاً جداً! كانت تلك المرة الأولى التي نزور فيها هذا المطعم ولم تكن الأخيرة؛ حيث تناولنا فيه طعام العشاء عدة مرات وجربنا أطباقاً مختلفة ولكن افضلها بالنسبة لي كان طبق "التيندون" الشهي.


يتبع ...

No comments: